منتدى العريباب (مدني)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العريباب (مدني)

العريباب فى حدقات العيون
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كم هي قبيحة "أنا”!!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
aabersabeel




المساهمات : 36
تاريخ التسجيل : 06/06/2011
الموقع : طافش في بلاد الله الواسعة

كم هي قبيحة "أنا”!! Empty
مُساهمةموضوع: كم هي قبيحة "أنا”!!   كم هي قبيحة "أنا”!! I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 11, 2012 1:30 pm

كم هي قبيحة "أنا
لنسرد القصة من يوم أن نزل آدم وحواء إلى أديم الجنة. ذلك أن الحياة خلقت أصلاً من طينة الرغبة، دون اسم و لا ذاكرة. كانت للحياة أياد، لكن ما الفائدة؟ فلا أحد لتلمسه؛ و كان للحياة أيضاً لسان و لكن دون جدوى! فلا أحد لتخاطبه؛ إذن كانت الحياة وحيدة يتيمة فلم تسو شيئاً وحدها. ثم سرعان ما انتابها الفضول في أن تتعدد وتتنوع، كي يكون لها معنى. سرت تلك الرغبة في أوصال الحياة بليل،, فلعل الشيء بضده يعرف. كان لسهم الرغبة عنفوان قسم سلسلة الحياة الفقرية فانشطر ظهرها نصفين. ثم ما أن أبصر كل نصف نصفه الآخر حتى ابتدره بابتسامة تحمل أوجهاً و تخفي أشياءً.. ثم ما لبثا أن تلامسا حتى استغرقا في ضحك بريء طويل ثم هستيري متقطع في أحيان كثيرة على أوتار حساسة.ثم تعاهدا بأن كليهما أجدر خلق الله بأن يكون مرآة صادقة لعقل أخيه. بحيث كلما نظر أحدهما في عين صنوه فلا يرى إلا صورة شخصه.. لأن كليهما بكل بساطة لسيا سوى شعاع لشمس وجودهما سويةً.

في ذات يوم خرج رجل ممن يسمون رجال دين من بيته لبعض شأن يهمه،عندما لقيه عند بابه أحد أصدقاء طفولته بعد طول غياب . فبادره المطوع بترحيب دافئ و أذن له بالدخول ، لكنه تذرع بقوله:" لكنني أرى أنك تتأهب للخروج من المنزل ..كأنك تنوي الخروج ولا أريد مضايقتك..فرد صاحب الدار: " بصراحة، أجل و لأمر هام يصعب تأجيله، ولكن استرح عندي لحين عودتي و لن أتأخر فكم أنا سعيد بلقائك ومتشوق لتجاذب الحديث معك " قال الصديق: "إذن، دعني آتي معك ؟ أحب ذلك ، ولكن هدومي متسخة، و إذا تكرمت فأعرتني أنظف منها لأسعد بمرافقتك ". فجاد عليه المطوع بحلة زاهية من أفخم ما أغدق به عليه المحسنون ، كان يدخرها فقط ليزهو بها في حضرة وجهاء البلاط .. لبس الضيف الطقم العجيب مع حذاء نمر و معطف جذاب موبالغة؛ فبدى و كأنه إنسان عين زمانه.. هنا نهشت الغيرة قلب المطوع، فدخل في حالة مقارنة غير متكافئة ... بدا و كأنه دون المستوى الاجتماعي الذي يليق بمكانته. تساءل ما إذا كان أخطأ إذ آثر صديقه على نفسه و خشي أن تنصرف أنظار الانبهار نحو ضيفه، ليبدو هو كتابع له. " . قال مهدئاً لنفسه :" أنا بتاع ربنا ..صاحب اللسان المفوه والخطب العصماء الرنانة في ذم الرذيلة و نشر الفضيلة؟ فلست معنياً بقيمة الثياب". لكن قرينه ما زال يغالطه بأن (الهياب في الثياب) و ( و كل يا كمي ، قبال فمي). حاول الانشغال بطرق مواضيع انصرافية بعيداً عن ما يخالج صدره ؛ لكنه كان منكفئاً مع ذاته؛ لدرجة كانا يسيران معاً و المارة ينظرون غير أن سنين ضوئية تباعده نفسياً، ليكون نهباً لأحاسيس الندامة و الحسد و ربما الكراهية . بلغ الرجلان وجهتهما ، فتقدم المطوع لتعريف صاحبه قائلاَ :" هذا رفيق طفولتي، رجل والرجال قليل " ، و فجأة استدرك قائلاً : " و لكن الطقم الذي عليه.. إنه لي ! " . دهش الصديق لقوله ، و تعجب المضيفون منه و تهامسوا فيما بينهم :" أمعتوه هذا!". أدرك الرجل سوء صنيعه و لكن متأخراً.. فندم وحاول كبح جماح نفسه الأمارة. خجل و اعتذر لضيفه بحرارة عما بدر منه من حماقة ، فقال له الصديق :" ما دفعك لهذا ؟ هلا وزنت كلامك قبل أن تتفوه؟! "، فأجاب رجل الدين : " آسف يا عزيزي، إنها مجرد زلة لسان " . آآآخ من هذا الذي لا ينفك يوردني المهالك.. " لا أدري كيف لفظت بذلك ". طبعاً هو يعي تماماً أن لسانه ليس سوى جارحة لها لجام. استمر اللقاء، و كان المطوع يتحسس صلابة عزمه على نسيان أمر المظاهر بقرار قطعي في نفسه بتحاشي سيرة الهدوم؛ فإذا بوسواس قسري يهتف في أذنه "إنها خاصتك". فكلما دخل عليهما نفر، يبدأ الحديث بحذر شديد: " هذا صديقي " و لما لم يكن أحد ليلقي بالاً لوجوده ، إذ الكل منبهرون بهندام ضيفه الكبير.. ينتكس و يستطرد:" و هذا معطفي ، وهذه عمامتي" ، لكنه عاد مرة ثانية ليؤنب نفسه تارة ثم ليبرر لها ما يحدث تارة أخرى، ثم تنتابه حالة هذيان فيسترسل: " أنا وهذا رفيقان منذ نعومة أظفارنا ، و لا أهمية للملابس، سواء أن تكون له أو لي ،؛ لا ، بل إنها له و ليست لي " . و الناس يذهلون لغرابة ما يجري" . عندما غادرا المكان كرر المطوع اعتذاره بشدة ، كان مضطرباً واعترف لصديقه: " لم تكن للملابس سيطرة على سلوكي لهذا الحد من ذي قبل، ماذا أصابني ؟؟ ".اشتاط الصديق غضباً و قال: هذا فراق بيني وبينك. لكن رجل الدين أمسك بذراعيه متوسلاً : ألا تهجرني .. سأكون تعيسا بقية حياتي.. أقسم أنني لن أعيد الكرة أبدا ". أستؤنف اللقاء زالمطوع يمسك نفسه بصرامة ... هناك نشاط بركاني يغلي في جوفه بينما يتماثل ظاهرياً للتماسك . و جزم على أن لا يأت على ذكر الملابس بأي حرف ، و جعل كلما دخل فوج يتصبب عرقاً والضيف في قلق..و التوتر . وبحذر الموت، يهتف المطوع : " أعرفكم على صديقي ... صديق قديم ، إنسان نادر الخصال جداً..إنه ...“ و هنا يحس و كأن حبال وريده تتقطع، و تذهب كل رباطة جاشه أدراج الرياح ، ويصيح : " و الملابس التي عليه!!! اعذروني .. لن أذكرها بشيء ... لأنني أقسمت أن لا أفعل " .
إذاٍ، الشاهد أن الأنا آفة فتاكة تصيب عامة البشر، و لكنها أفتك ما تكون حينما يتعلق الأمر بمن نسميهم نخب رجال دين. إنهم (عدا من رحم ربي) أناس صالحون متدينون و يقول بعضهم كثيراً ما لا يفعلون إلا قليلاً أو لا يفعلون : " يتزحزحون عن النار ولا يرضون من الجنة إلا فردوسها الأعلى بلسان المقال: أريد هذا و أريد ذاك "، و بلسان الحال تجد الأنا شاخصة وبقوة . و كلما كانت الأنا طاغية عند أحد، كان صعباً أن يتحد و يصبح متصالحاً مع نفسه فضلاً عن غيره. حيث الأنا تقيم بينهما سدا مأرب وحائط يأجوج و مأجوج ، فحيثما تطغى"أنا أنا و أنت أنت"، تذهب أعظم التجارب حرارة سدى في تزاحم الأضاد. فالأبدان تجلس متقاربة كخشب مسندة و لكن الضمائر تبقى متجافية متافرة ، تماماً كلقاء الأنفس في منامها، فتقبض التي قضي عليها الموت و ترسل الأخرى إلى أجل مسمى. لكون الإحساس بأن الآخر شيء منفصل يظل عقدة كعقدة أوديب .. يقول سارتر: " الآخر هو الجحيم "؛ لكنه لم يفسر لماذا الآخر بالذات هو الجحيم.. هلك لكون الآخر هو (الآخر) لكوني (أنا ، أنا) ؟؟ ، و طالما أنا متمسك ب(أناي) ، فليكن الكون كله (لست أنا ) إذا، فهو " الآخر " و الذي بالضرورة وحتماً هو شيء ضدي و طالما أن روح نظرية المؤامرة شائعة لذاك الحد، لا يمكن لتجربة حب حقيقي أن تولد وتنمو وتزهر أو تفرخ صغاراً في جو طبيعي إلا إذا تجرد طرفي قضيبها كل من (أناه) فالحب صورة مثلى للاتحاد و ليس للتوحد الذي هو عاهة مرضية مزمنة من أبرز أعراضها تجر و ضمور في النمو الذهني و عقم في ملكات التواصل الاجتماعي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كم هي قبيحة "أنا”!!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العريباب (مدني) :: القسم العام :: المنتدي الثقافي-
انتقل الى: