لا نرضى بديلاً لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم - نقلا عن د. طارق محمد السويدان

لا نرضى بديلاً لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم

خُبيب بن عدي اسم لامع من أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، شهد معه معركة بدر وأُحد، وعندما جاء وفد من بني لحيان إلى المدينة وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث معهم دعاة، أرسل لهم عشرة من المسلمين، كان خُبيب من بينهم، فانطلقوا حتى إذا وصلوا إلى موضع يُقال له الرجيع، غدر بهم اللحيانيون وأحاطوا بهم، فأبى بعض المسلمين أن ينقاد لهم فقتلوهم وأسروا خُبيباً، واثنين معه، وباعوهم لأهل مكة، فاشترى خُبيباً أبناء الحارث بن عامر بن نوفل الذي قتله خُبيب في معركة بدر، وأسروه عند أخيهم عقبة، وفي يوم بينما امرأة عقبة لاهية إذا بطفل لها يذهب إلى خُبيب وبيد خُبيب حديدة حادة فلاطفه خُبيب وأجلسه على فخذه فخافت أمه وخشيت أن يقتله، فقال لها خُبيب: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل إن شاء الله، فكانت تقول: والله ما رأيت أسيراً خيراً من خُبيب قط، والله لقد وجدته يأكل يوماً قطفاً من عنب في يده وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة يومئذ ثمرة قط... وإنه لرزق رزقه الله خبيباً.

ولما أرادوا قتله طلب أن يمهلوه ليصلي ركعتين فأمهلوه فصلى ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع من الموت لزدت فيها ولأطلت ثم قال: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً ولا تُبق منهم أحداً، اللهم قد بلغنا رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلّغه الغداة ما أتى إلينا وأنشد:
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي وما جمّع الأحزاب لي عند مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
وقد عرضوا لي الكفر والموت دونه وقد ذرفت عيناني من غير مدمع
فلست بمبدٍ للعدو تخشعاً ولا جزعاً إني إلى الله مرجعي
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي

وقبل أن يقتل سأله أحد المشركين: أتود يا خُبيب لو أن محمداً مكانك وأنت حر منعم بين أهلك؟ فقال خُبيب: والله ما أود أني بين أهلي ومحمد يشاك بشوكة!!!!

سبحان الله،،، موقف يتمنى الأب لو أن ابنه مكانه فيه من هوله وشدته، وخُبيب يرضى به على أن لا يشاك محمد بشوكة!!! ماذا فعل بهم محمد؟ ولأي شيء كانوا يفدونه بآبائهم وأمهاتهم فيقولون فداك أبي وأمي يا رسول الله؟ ما الذي جعل حسان بن ثابت يقول للمشركين:

فإن أبي ووالدتي وعرضي .... لعرضِ محمد منكم فداء؟

كانوا يغارون عليه حتى من أن ينظر إليه المشركون، كانوا يتلقون عنه الرماح واللكمات والحجارة ويقدمون أنفسهم وأموالهم وأولادهم بين يديه وهم فرحون مستبشرون، أليس هو من هداهم الله به؟ أليس نعمة الله لخلقه في دخولهم الإسلام؟

إن الزوبعة والفتنة التي أثارتها بعض صحف الدانمارك ونالت بها من شخص النبي صلى الله عليه وسلم، لم تضع في بالها أو حسابها أن محمداً ليس مجرد قائد له أتباع وأنصار يعتنقون فكره وقناعاته، إن الأمر يتعدى حدود ما وصل إليه فكرهم المادي، إن رجلاً يفدى بالنفس والأهل والولد لا يمكن أن يقبل فيه أصحابه أي تجريح أو اتهام أو قول، فينبغي أن نفهمهم هذا، وينبغي أن يقتنعوا بهذه الحقيقة، ونحن أمة حضارية كما كان خُبيب حضارياً مع الطفل في أسره، لكننا لا نساوم على حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا نرضى بما يسوؤه فذلك يسوؤنا قبل أن يسوءه.

اللهم ارفع رايتنا ووحد كلمتنا وأعل ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.